الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

أهم عناصر تأليف النص المسرحى

 
 
 
 
عناصر تأليف النص المسرحى 
       
        يتكون النص المسرحى من مجموعة من العناصر التى تتضافر معاً منتجة النص المسرحى إذ أن كل عنصر من تلك العناصر يساهم بقدر معين فى تشكيل النص المسرحى، وعند التعرض إلى النص المسرحى بالدراسة لا يمكن الاعتماد على عنصر من تلك العناصر دون الأخر ولكن ما نقوم به من  تقسيم النص المسرحى إلى عناصر بهدف تسهيل عملية دراسة مكونات النص المسرحى ولكن عند التعامل معه لابد أن يُنظر له كعمل فنى متكامل. 

       وقبل أن نبدأ حديثنا عن النص المسرحى وعناصره علينا أولاً أن نتعرض إلى التأليف المسرحى وأهمية دوره فى إنتاج العمل المسرحى المتكامل ومنه نتعرف على المؤلف المسرحى وسماته ثم نصل بعد ذلك إلى العناصر التى يعتمد عليها النص المسرحى فى تكوينه.

 التأليف المسرحى وسمات المؤلف المسرحى 

        " عند النظر إلى التأليف المسرحى كعنصر من عناصر العرض المسرحى نجد أن ذلك العنصر فى حقيقة الأمر مركب إذ يتكون من عناصر أخرى تلك العناصر تتراكب مع بعضها من أجل إنتاج عنصر التأليف المسرحى المتًمثل فى إنتاج النص المسرحى وخروجه إلى حيز الوجود. كما أن ذلك العنصر يتصل فى بادئ الأمر بكاتبه الذى يجب أن يكون له صفات خاصة حتى يطلق عليه مؤلف مسرحى وليس مؤلف فى المطلق. فعند الحديث عن المؤلف المسرحى ودوره فى صياغة العملية الفنية المتمثلة فى العرض المسرحى نجد أنه لابد أن يتوافر فيه مجموعة من السمات حتى يكون لديه القدرة على كتابة نص مسرحى إذ أنه فى البداية لابد وأن يكون مُلم بحرفيات الكتابة المسرحية وإلى جانب ذلك قدرته على التعبير عن المضمون الذى يريد توصيله من خلال نصه المسرحى كما أنه لابد أن يوازن بين الشكل والمضمون للنص دون أن يطغى أحدهما على الأخر لكى يخرجا فى كلٍ متناغم.

        ولكى يتمكن المؤلف المسرحى  من أدواته عليه قراءة واستيعاب أكبر قدر ممكن من النصوص السابقة على مر العصور بل وأن يعيش العديد من التجارب المسرحية حتى يتشبع بحياة المسرح وروحه وهذا يؤدى إلى إثقال خبراته الفنية وتكوين شخصيته التى لابد وأن يثقلها بالدراسات الأكاديمية فى مجال المسرح إلى جانب الموهبة الموجودة  لديه وبهذا يكون قادراً على التعبير عن أفكاره بشكل مكتوب يتوافر فيه شروط النص المسرحى الجيد.

        و من خلال  اكتسابه  الخبرات السابقة ستؤدى إلى اتساع مداركه وظهور العديد من الأفكار التى يحاول التعبير عنها وبهذا يستطيع التعبير عن رؤيته للقضية التى يتناولها سواء سياسية أو اقتصادية أو فكرية أو اجتماعية أو إنسانية من خلال توظيفه لعناصر العمل الفنى التى تحدد غاية العمل المسرحى  وإلى جانب ذلك عليه أن يكون قادراً على تحديد نوعية التأثير المراد بثه فى الجمهور فالنص المسرحى عادة ما يكون اللبنة الأولى أو المؤشر الاولى الذى يحدد نوعية العرض المسرحى وشكله الذى سيتابعه الجمهور المستهدف من عمله لكى يستطيع تحقيق الهدف المرجو من العرض المسرحى .

        والوصول إلى الهدف يكون له وسائل مختلفة  لبلوغه بالشكل النهائى للعرض ،لكن يظل الهدف ثابت لا يتغير والذى يجب أن يكون المؤلف على درجة كاملة من الوعى به.وتنبع أهمية عنصر التأليف المسرحى من خلال  أنه لا  يمكن أن تبدأ عناصر العرض المسرحى عملها قبل عنصر التأليف فالانتهاء من كتابة النص بمثابة إشارة البدء لعناصر العرض الأخرى من إخراج وتمثيل وديكور وإضاءة.. وغيرها من العناصر التى تٌبنى على ما يوجد فى النص المسرحى من معانى وأهداف مراد تحقيقها.

        لذا فعنصر التأليف المسرحى هو أكثر العناصر استقراراً وثباتاً ذلك لأن أساليب الإخراج والتمثيل والتصميم تختلف باختلاف العصور والبلاد بل وتوجهات القائمين عليها. وتتأثر أساليب التأليف المسرحى وأنواعه طبقا لهدف الكاتب ومفهومه لمضمون ومعالجة مادته. إلى جانب ذلك هناك حتميات درامية لا يمكن تجاهلها فى توصيل الخطاب الذى تحمله المسرحية لكى تثير الإنتباه وتسيطر على مشاعر المشاهد كما تخاطب عقله. وإذا كانت وحدة الهدف مطلوبة فى كل نص مسرحى فإنها ليست الهدف الوحيد لأنها لابد أن تتبلور من خلال الأدوات الفنية والأساليب الدرامية والتى بدونها لا يصبح هناك نص مسرحى على الإطلاق.

        كما يجب  أن يمتلك الكاتب مضمون نصه فالمضمون يتشكل طبقاً لأسلوب معالجته الدرامية إذ يختار نوع المضمون كوميدى أم تراجيدى أم مزج بينهما لأن الحدود بين هذه الأنواع الدرامية ليست فاصلة. كما يجب أن يتسق الشكل مع المضمون فهناك الكاتب الذى يخضع مضمونه الفكرى لحتميات الإتساق الدرامى والشكل الفنى فى حين أخر يلح عليه المضمون إلحاحاً قد يجعل مسرحيته مجرد أداة عابرة لتوصيل مضمونه فالمضمون يتشكل طبقا للمعالجة الدرامية التى تصهره فى بوتقتها وتقدمه للجمهور فى قالب متماسك جيد كأنه يراه لأول مرة وبالتالى فليس هناك مضمون أو فكر أو موضوع مطلق أو مجرد أو مستقل بذاته ذلك لأنه  يستحيل الفصل بين المضمون الفكرى والشكل الفنى فى العمل المسرحى الناضج فالتوازن والتفاعل الدرامى بين الفكر والفن ضرورة منطقية وجمالية مُلحة . ولكى يستطيع المؤلف تحقيق ذلك عليه أن يكون ذو ثقافة عالية وقدرة على رصد القضايا والمشكلات بل وتحليلها واختيار الزاوية التى يتناولها منها لكى تعبر عن رؤيته للقضية من خلال أعماله الفنية.

        ففى التأليف المسرحى واختيار موضوعاته معايير عامة ثابتة تتصل بتمكن المؤلف من أدوات الحرفة الكتابية وخبراته ودراساته ; ولكن هناك معيار متغير قائم على كيفية توظيف الثوابت السابقة فى التعبير عن الفكرة التى يريد إثارتها لأن الفنان لا يوجد فى المطلق ولكن هناك مؤثرات ثقافية وبيئية وأيديولوجية إلى جانب روح العصر الذى يعيش فيه. إذ تؤثر كل تلك العوامل فى كيفية تمثيل عناصر التكثيف والبلورة وتدفق السياق فى عفوية وحيوية تساعد كل القائمين على العرض المسرحى فى الإنطلاق والإبداع بقدر طاقاتهم.  


        كما أنه هناك فرق بين الحياة الواقعية والأحداث المقدمة على خشبة المسرح فعلى المؤلف أن يعى ذلك الاختلاف ويكون قادر على تناوله من خلال وعيه لنوعية الزمن المسرحى الذى يختلف عن الزمن الواقعى إذ أنه يجب أن يكون مُلم بأبعاد الزمن ومستوياته المسرحية وكذلك قادراً على بلورة وتكثيف أحداثه حتى تأتى مسرحيته بالشُحنة الفنية والفكرية المنشودة فى حدود زمن معين لا يقيدها; بل تنطلق فيه بكل أبعادها ودلالاتها إلى عقل المشاهد ووجدانه ولا يتأتى الإحساس بالوحدة العضوية إلا من خلال توليد الأحداث من بعضها البعض والتى يُصبح سلوك الشخصيات فيها منطقياً وحتمياً . كما يٌحتم على الكاتب المسرحى أيضاً أن يكون واعياً ومتمكناً من كل الأساليب والحيل الدرامية التى تمنحه القدرة فى السيطرة على مشاعر المشاهد وأفكاره بقدر الإمكان فلابد أن يكون قادراً على شحن اللغة المستخدمة بالحيوية وطاقات تعبيرية لا تتأتى لها فى الحياة اليومية  رغم أنها نفس اللغة ".(1)

     وبعد تلك الإطلالة على أهمية عنصر التأليف المسرحى وسمات مؤلفه التى تؤثر فى بناء النص المسرحى  نقوم الآن بتناول العناصر التى يتكون منها النص المسرحى. إذ تٌقسم عناصر النص المسرحى إلى:
 
 أ‌-   الفكرة الرئيسية (الثيمة).
ب‌-  الشخصية.
ت‌-  الحبكة.
 ث‌-  الحوار.
ج- الصراع.
ح- الإيقاع.

                          وفيما يلي نورد شرح لكل عنصر............


أ- الثيمة أو الفكرة الرئيسية :
        
          " من المستحسن تعريب الكلمة الأجنبية والإحتفاظ بكلمة "فكرة" لكلمة  Thought idea كما أن كثيراً من المثقفين في البلدان العربية يتداولون اللفظة علي صورتها الدخيلة. الثيمة هي " الفكرة الرئيسية التي تتغلغل في هيكل العمل الفني كالدم إنها موضوعه .والثيمة الدرامية هي المفهوم المجرد الذي يحاول المؤلف تجسيده من خلال تمثيله في شخصيات لها أقوال وأحداث ".(2)
            
             فالثيمة هنا تعنى الفكرة أو القضية أو المشكلة التى يقوم المؤلف بطرحها من خلال النص المسرحى الذى يقدمه ويقوم عليها العمل بأكمله فالفكرة هى اللبنة الأولى والأساسية فى بناء أى نص درامى عامة . لذا فاختيار الفكرة من أهم وأول عناصر كتابة النص المسرحى وذلك لأنه لو لم يكن هناك قضية ما تشغل المؤلف يحاول طرحها من خلال النص المسرحى لما كان هناك نص مسرحى فالفكرة محور إرتكاز أى نص مسرحى. ولا بد أن تكون تلك الفكرة واضحة ومحددة الأبعاد لدى المؤلف لكى يستطيع التعبير عنها من خلال الشخوص المسرحية التى يٌحملها الرسالة التى يود توجيهها إلى الجمهور بشكل غير مباشر من خلال قالب درامى يعتمد على بناء فنى محدد. وأياً كان نوع الفكرة لابد وأن يكون مؤلف النص مُلم بجميع جوانبها وأبعادها وتفريعاتها كى يستطيع الجمهور إستيعاب ما يٌحمله المؤلف للنص المسرحى من خطاب موجه للجمهور يعبر عن رؤيته تجاه الموضوع أو الفكرة المُثارة فى النص المسرحى

ب - الشخصية :
  أولا: التعريف اللغوى للشخصية وتاريخ المصطلح:

         " إن لفظة (Persona) والتي تعني في ترجمتها اللاتينية القديمة "القناع " والتي اشتقت منها الألفاظ التي تدل علي الشخصية في اللغات الأوروبية كالأسبانية    (Personaje) وفي الفرنسية Personalite)) والتي تعني في الإنجليزية      (Personality) منذ استخدامها الأول في المسرح وهي تفتقر إلي المعني المحدد بين مصطلحات المسرح فهى تعنى : الشخصية الدرامية، الممثل، الدور .
 
        واستخدمت هذه اللفظة قديماً بمعني القناع عند الممثلين اليونانين والرومانين حينما استخدموه في عروضهم المسرحية لتحديد طبيعة الدور الذي يقومون به، كوميدي، تراجيدي، ساتيرى، إضافة إلي المكانة الإجتماعية وبيان حالات الشخصية العاطفية والعقلية المختلفة ".(3)
       
ثانيا: التعريف الاصطلاحى للشخصية:
 
        " يٌعرف د. إبراهيم حمادة فى كتابه معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية الشخصية(character/ dramatis personae) بأنها"  الواحد من الذين يؤدون الأحداث الدرامية فى المسرحية المكتوبة أو على المسرح فى صورة ممثلين . وكما قد تكون هناك شخصية معنوية تتحرك مع الأحداث ولا تظهر فوق خشبة التمثيل فقد يكون هناك أيضاً رمز مجسد يلعب دوراً فى المسرحية كمنزل أو بستان أو بلدة أو نحو ذلك. فالشخصية إذن هى مصدر الحبكة التى يمكن أن تتطور من خلال الأفعال والأقوال التى تصدرها الشخصية ".(4)  

        نصل مما سبق إلى أن الشخصية (الشخصيات) تٌعد بمثابة الوسيط الذى يٌحمل بالمضمون الفكرى الذى يعبر عن رؤية المؤلف فى القضية التى يتناولها من خلال النص المسرحى الذى يكتبه ، إذ أنه من خلال تصوره ورسمه للشخصيات يقوم بتحميلها بالخطاب العام للنص المسرحى من خلال كيفية طرح شكل الشخصية وطبيعتها ودورها فى شبكة العلاقات بينها وبين الشخصيات الأخرى فى النص ودورها فى تحريك الحدث وتطوره وتبعاً لنوع الشخصية محورية أم ثانوية ..الخ. إذ يعبر المؤلف بشكل غير مباشر عن فكرته وخطابه الذى ينسجه داخل الحدث الدرامى للمسرحية من خلال الحوارات التى تدور بين الشخصيات على خشبة المسرح والمكتوبة على الورق فى النص المسرحى. وهنا نجد أن الشخصية المسرحية يوجد لها العديد من الأنواع.

" ثالثا: أنواع الشخصيات تبعا لمجالات تحركها :

-    شخصية رئيسية
   شخصية ثانوية
-    شخصية نمطية  ".(5)

رابعا:أبعاد الشخصية
 
" تتكون الشخصية الدرامية من ثلاث أبعاد هى:
1- بعد فسيولوجي (مادى أو عضوى).
2- بعد سوسيولوجى(اجتماعى).
3- بعد سيكولوجى(نفسى).

1- البعد الفسيولوجى(المادى أو العضوى)
 
        يتصل بتركيب جسم الشخصية ذكر أو أنثي ، العمر، الطول، لون الجلد والشعر والعينين وما إلي ذلك من عناصر تكوين هذا البعد المادي للشخصية.فهذا البعد يعطي لنظرة الشخصية في الحياة لوناً معيناً عن غيرها من الشخصيات ويؤثر فيها تأثيراً مباشراً ... فالإنسان ذو الذراع الواحد لابد أن تكون نظرته للحياة مختلفة تماماً عن نظرة الإنسان السليم البنية وكل عنصر من هذه العناصر يضع فروقاً بين شخصية وأخري ويحدد ملامح شخصية عن أخري ويعتبر هذا البعد أوضح الأبعاد الثلاثة في الشخصية لأنه يشكل التكوين الرئيسي لها.
 
      2- البعد السوسيولوجى(الاجتماعى)
 
         هو تحديد نوعية التعليم، الديانة، العمل, الطبقة، الجنسية..الخ. ولابد أن يعتني به المؤلف جيداً حتي يضع يده علي جزء هام من مكونات الشخصية فتحديد نوعية التعليم الذي يتلقاه الفرد وديانته والطبقة التي ينتمي إليها سواء راقية أو متوسطة أو كادحة ونوعية العمل الذي يقوم به ومكانته في المجتمع .... كل تلك المستويات تٌعد فروقاً جوهرية بين شخص وأخر .

3- البعد السيكولوجي ( النفسي)

        هو ثمرة البعدين السابقين فهو الذي يكون مزاج وميول الشخصية ومركبات النقص فيها ولذلك هو الذي يتمم الكيان الجسماني والاجتماعي ويحدد المعايير الأخلاقية والحياة الجنسية للشخصية وأهدافها في الحياة وقدرتها على الإبتكار والخلق والتجديد.

        ولابد من تضافر هذه العناصر معاً لتكوين الهيكل للشخصية حتى تظهر كوحدة واحدة مجسدة فى العمل الدرامى. كما أن الشخصية المسرحية لابد أن تتغير باستمرار لأنه من المحال أن تظل كما رسمها الكاتب من البداية حتى النهاية. وأى مسرحية جيدة تتطور شخصياتها تطور دائما واضح (مثل مسرحيات هاملت، بيت الدمية) فكل شخصية يصورها المؤلف لابد أن تشتمل فى داخلها على بذور تطوراتها
 المستقبلية ".(6)
 
         " ولقد عرف "أرسطو" الشخصية  في كتابه " فن الشعر" بأنها الجزء الثاني التالي لعنصر الحبكة ضمن الأجزاء الستة المكونة للتراجيديا وهذه الأجزاء هي الحبكة والشخصية واللغة والفكر والمرئيات المسرحية والغناء ، حيث يري "أرسطو"  أن الحبكة والشخصية وجهان لعملة واحدة فلا حبكة بلا شخصية ولا شخصية بلا حبكة. وكذلك يربط "أرسطو" بين اللغة بصفتها الجزء الثالث المكون للتراجيديا والشخصية فاللغة هي العنصر الذي يعبر عن أفكار الشخصيات من خلال الكلمات.أما الفكر بصفته الجزء الرابع المكون للتراجيديا فيربطه "أرسطو" أيضاً بالشخصية ويعني به القدرة علي قول ما يمكن قوله أو القول المناسب في الظرف المناسب المتاح.
     ويضع "أرسطو" مواصفات  للشخصية :
1-    الصلاحية الدرامية : لابد أن تكون الشخصية صالحة للقيام بوظيفتها الدرامية بحيث تتسق طبيعتها وفكرها وسلوكها مع مجري الأحداث.
2-    الموائمة أو الأتساق النمطي: فيقصد به "أرسطو" أن تصدر عن الشخصية الكلمات والحركات والإيماءات التي تتمشي مع طبيعة الشخصية وكيانها وتربيتها وفكرها ... فالشخصية لا تنطق إلا بما تعرفه ولا تتحرك إلا من خلال الدوافع الذاتية المرتبطة بآمالها وآلامها وطموحاتها وإحباطاتها.
3-    الصدق الواقعي : يقصد به "أرسطو" ألا تشذ الشخصية عن أنماط الحياة الطبيعية بحيث تتشابه معها وتنبع منها حتي تمتلك خاصية الصدق الواقعي وبالتالي القدرة علي الإقناع بوجودها الطبيعي غير المفتعل.
4-    ثبات الكيان:  فيقصد به "أرسطو" الشخصية التراجيدية علي وجه التحديد فهي تملك من الثبات ما يجعلها صامدة في وجه التغييرات المفاجئة التي لابد أن تتعرض لها " .(7)

ت - الحبكة
            تٌعد الحبكة " بمثابة الجزء الرئيسي في المسرحية وقد وصفها "أرسطو" بأنها نواة التراجيديا والتي تتنزل منها منزلة الروح".(8)
         " ويمكن تعريف الحبكة بأنها :
1-  هي التي تقدم الإطار الرئيسي للفعل وهي خط تطور القصة وهي خطة الفعل التي يمكن عن طريقها للشخصيات وغير ذلك من العناصر المكونة للدراما أن تكشف عن نفسها.
2هي تتابع الأحداث الحدث يلي الحدث بحتمية درامية بحيث تخلق في وجدان المشاهد شعوراً بأن الأحداث تتبع في طبيعتها ما سبقها من أحداث وتؤدي إلي ما يليها من أحداث أيضا علي أساس من التسلسل المنطقي ويجب أن تكون الأحداث ملتزمة بضرورة وجودها في المسرحية بحيث إذا تم حذف حادثة معينة أو تغير مكانها تصاب المسرحية بخلل في بنائها "(9)

        فالحبكة فى أبسط تعريفاتها " المقصود بالحبكة mythos هو التنظيم العام للمسرحية ككائن متوحد. أنها عملية هندسة وبناء الأجزاء المسرحية وربطها ببعضها بهدف الوصول إلى تحقيق تأثيرات فنية وانفعالية معينة. وعلى هذا فكل مسرحية حتى ولو كانت عبثية لا تخلو من الحبكة أى من الاشتمال المرتب على شخصيات وأحداث ولغة وحركة موضوعة فى شكل معين ومن ثم فإن الحبكة لا يمكن فصلها عن جسم المسرحية إلا نظرياً فقط لأنها هى روح العملية الدرامية".(10)

          " وتتكون الحبكة من بداية (مقدمة) ووسط ونهاية هذا من ناحية البناء الأرسطي التقليدي. كما أن هناك العديد من الحبكات منها:
1-    الحبكة البسيطة ( وهي التي تتكون من حدث درامي واحد من بداية العمل إلي نهايته)
2-    الحبكة المعقدة ( وهي الحبكة المكونة من احداث فرعية تعمل علي تغذية الحبكة الرئيسية)
3-    الحبكة المحكمة ( تعتمد علي التتابع الحتمي للأحداث وهو ليس تتابع آلي لكنه ممزوج بالمنظورالفكري للمؤلف).
4- الحبكة المفككة .

        وتتكون الحبكة من :
1-    التقديمة الدرامية
2-    نقطة الإنطلاق
3-    الحدث الصاعد
4-    الاكتشافات
5-    التنبؤ
6-    التعقيد
7-    التشويق
8-    الأزمة
9-    الذروة
10-   الحدث الهابط
11-   الحل

        ومن خلال السطور القادمة سيورد شرح لكل جزء من الأجزاء المكونة للحبكة:
 
1-  التقديمة الدرامية : ذلك الجزء الذي يقع في بداية المسرحية في صيغة حدث أو محادثة درامية. وفي هذا المشهد الدرامي يقدم المؤلف معلومات عن مكان الفعل وزمانه وعلاقة الشخصيات ببعضها وفكرة عن الموضوع المُعالج والخلفية الاجتماعية وبعض الإشارات إلي الأحداث السابقة ويجب أن تكون التقديمة جزءُ لا يتجزء من النص المسرحي ككل ". (11)

        " 2-  نقطة الإنطلاق : هي البداية الحقيقية في المسرحية بعد المقدمة الدرامية ويعرفها "أرسطو" بأنها اللحظة التي تفجر فيها القوة المحركة الحدث كي ينطلق ويتصاعد نحو التأزم " .(12)

        "  3-  الحدث الصاعد : هو ذلك الجزء من البناء الدرامي الذي يبدأ بعد التقديمة ويحركه العامل المثير إلي أعلي كي يصدمه بقوي التصارع وعادة ما يفضي الحدث إلي ذروة التأزم " .(13)

        " 4الاكتشافات : هي اكتشاف أشياء لم تكن معروفة من قبل مثل اكتشاف أخ أن شقيقه يحب صديقته أو اكتشاف معلومات جديدة تساعد علي تطوير الأحداث ورسم الشخصيات ".(14)

        " 5-  التنبؤ والتلميح : هو تقديم كلمة أو إشارة أو فعل يهئ الذهن لما يمكن أن يقع في المستقبل، فهو التمهيد المنطقي للأحداث .

6-  التعقيد : هو ما يعرقل السير الطبيعي للأحداث، كأصطدام البطل بشئ معارض يدفعه إلي التصارع معه وعلي هذا فإن التعقيد هو نتاج العامل الذي يتدخل في سير الحدث لتغيير مجراه والتعقيد يثير في نفس المشاهد التشويق والترقب وحب الاستطلاع  ".(15)  

         7-  التشويق : هو إثارة نزعتي الخوف والأمل في نفس المشاهد ; الخوف علي مصير الشخصية، والأمل في نجاتها ويتم عن طريق إثارة اهتمام المشاهد عن طريق تحريك شئ من القلق الممزوج بالمتعة هذا الاهتمام يخلق ترقباً لنتيجة ما لفترة زمنية محددة حتي إذا فُجرت الذروة المسببة لذلك التوقع حدث إشباع الاهتمام.

8-  الأزمة : هي لحظة التوتر التي تسببها القوي المتعارضة ، وتؤدي إلي ترقب في تحول الحدث الدرامي. والمسرحية قد تتألف من عدة أزمات ".(16)

        " 9-  الذروة : فهي الوصول بالأفكار والأحداث والكلمات والأزمات من خلال شكل درامي مركب متطور إلي النقطة الحاسمة المعقدة المشحونة في المسرحية والتي تحتاج إلي تفجير ".(17) 

        " 10- الحدث الهابط : هو الحدث الذي يلي الذروة ويعتبر من ناحية التقسيم النقدي الكلاسي نصف المسرحية الثاني تقريبا وفي هذا النصف يتأكد سوء حظ البطل في حالة ما إذا كانت المسرحية مأسوية أو نجاح مساعي البطل في المسرحية الملهوية  " .(18)  

        "  11-الحل: هو هبوط الفعل بعد وصوله إلي ذروة التأزم إنه محصلة الأحداث المسرحية المتوترة وعلي هذا فهو وقوع الفجيعة في المأساة وحدوث النهاية السعيدة أي هي المنظر الأخير الذي تفشي فيه الأشياء التي ظلت مجهولة وتحل القضايا التي كانت
معقدة ".(19) 

ث- الحوار:
 
 
          " الكلام الذي يتم بين شخصيتين أو أكثر وقد تستخدم صيغة الحوار لعرض آراء فلسفية أو تعليمية أو نحوها كما هو الشأن بالنسبة لمحاورات أفلاطون أو مقالة دريدان في الشعر الدرامي.
أما في المجال المسرحي فالحوار يتميز بقيم خاصة منها :
1-    يدفع إلي تطوير الحدث الدرامي .. ومن ثم تنتفي وظيفته كعامل زخرفي خالص.
2-    يعبر عما يميز الشخصية من الناحية الجسمية والنفسية والاجتماعية والبيولوجية .
3-    يولد في المشاهد الإحساس بأنه مشابه للواقع مع أنه ليس نسخة فوتوغرافية للواقع المعاش.
4-    يوحي بأنه نتيجة أخذ ورد بين الشخصيتين المتحاورتين وليس مجرد ملاحظات لغوية تنطق بالتبادل.
        ولقد ظهرت أتجاهات حديثة في استخدام الحوار المسرحي كمجالات كلامية، ارتباطها بالقصة المسرحية ضعيف; لأن هدفها الأساسي هو التعبير عن قيم فكرية دعاوية معينة كما هو الحال عند برنارد شو مثلا. وقد يقع الحوار المسرحي شعراً كله أو نثراً، عامياً أو فصيحاًً وقد يقع مزيجاً من تلك الأنواع ومن المعروف أن الدرامات الإليزابيثية أنطقت شخصياتها النبيلة طبقياً بالشعر الحر أو النثر المشعور.أما الشخصيات الوضيعة أو العامية أو الملهوية فقد أنطقتها بالنثر العادي وفي تاريخ الدراما العربية نجد بعض الأمثلة علي ذلك ".(20)

             " كما يعتبر الحوار أوضح جزء فى العمل الدرامى وأقرب إلى أفئدة الجماهير وأسماعهم ويُعبر به الكاتب عن الأحداث المقبلة والجارية فى المسرحية وعن الشخصيات ومراحل تطورها. والحوار الجيد هو الذى تدل كل كلمة فيه على معنى يكشف عن حقيقة معينة ويعبر عن تلك الحقيقة تعبيراً دقيقاً لا مبالغة فيه أو إفتعال،لأنه الوسيط الذى يحمل العمل الدرامى إلى أسماع المتلقين. فالحوار أداة التخاطب والسمة التى تشيع الحياة والجاذبية فى المسرحية وهى خاصية تميز المسرحية عن سائر الصور الأدبية.

            كما أن الحوار الدرامى يخضع لطبيعة الجماهير وطبيعة العمل الفنى فهو حوار ليس من أجل الشخصيات والأحداث فحسب ،وإنما من أجل المشاهد. فالمشاهد هو الطرف الثالث فى الحوار كما أنه جزء أساسي فى الحوار الدرامى. وهناك فرق بين الحوار الدرامى والمحادثة اليومية فالمحادثة هى الكلام فى الحياة ولا يوجد بها طرف ثالث. لهذا لا ينبغى أن يكون الحوار الدرامى صورة طبق الأصل من الأحاديث اليومية لأن نقل العمل الخاص فى الحياة إلى العمل الدرامى لا يعطى أي متعة للمتلقى، كما أن الحديث اليومى يفتقر إلى الهدف الكلى أو الأثر الكلى " .  (21)
       
وظيفة الحوار

        " كما يقول روجرم .بسفيلد (الابن) في كتابه فن الكاتب المسرحي للمسرح والإذاعة والتليفزيون والسينما:
1-    السير بعقدة المسرحية أي تقدمها أو تدرجها وتسلسلها.
2-    الكشف عن الشخصيات.
3-    مساعدة التمثيلية من الناحية الفنية أثناء إخراجها ". (22)

        " ويستخلص عادل النادي في كتابه (مدخل إلي فن كتابة الدراما)  أربعة وظائف للحوار هي :
1-    التعريف بالشخصيات.
2-    التعبير عن الأفكار.
3-    تطوير الأحداث
4-    مساعدة الحوار علي إخراج المسرحية ". (23)

 ج- الصراع:
 
       " يمثل العمود الفقرى للبناء الدرامى وهو ليس تناطح أفكار بل الصراع الدرامى يكون بين إرادات إنسانية تحاول فيه إرادة أن تكسر الإرادة الأخرى ، فالصراع يكون بين أرادتين متكافئتين، أو تصادم بين قوتين متكافئتين، أو تعارض أهداف ومصالح بين طرفين والهدف من هذه الصراعات البقاء " .(24)

ح -الإيقاع:

"هو كيفية سير العمل الفنى فى سياق متناغم متسلسل بشكل منطقى يعطى طابع عام للإيقاع داخل العمل".(25)



المصادر:
 
 1-  نبيل راغب (د): فن العرض المسرحى، القاهرة، الشركة المصرية العالمية للنشر- لونجمان،ط1، 1996، صـ78:11 . بتصرف
 
2-ابراهيم حمادة (د) : معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية ، القاهرة، دار المعارف ، 1985 ،صـ 88 .
 
3- رضا غالب (د): المثلث البنائي لفن التمثيل ، القاهرة، 2001، صـ 6 .

4- ابراهيم حمادة (د):  مرجع سابق،صـ155 .

5- المرجع السابق ، صـ 156 .

6عادل النادي : مدخل إلي فن كتابة الدراما ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993، صـ 42-43 .

7- نبيل راغب (د): موسوعة الإبداع الأدبي ،القاهرة،الشركة المصرية العالمية للنشر- لونجمان، 1996،صـ 222 – 225 . بتصرف.

8- أرسطو: فن الشعر، ت: ابراهيم حمادة، القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية،1983 , صـ 54

9- عادل النادي :  مرجع سابق، صـ 56 .

10- إبراهيم حمادة(د):مرجع سابق ،صـ 93 . 

11-عادل النادي :مرجع سابق،صـ 58:56 . بتصرف.

12- المرجع السابق، صـ 81 .

13-  المرجع السابق، صـ99 .

14-  المرجع السابق، صـ59 .

15-  ابراهيم حمادة (د): طبيعة الدراما ،القاهرة، سلسلة كتابك رقم 26، دار المعارف، 1978 ،صـ 22:20 .بتصرف.

16- ابراهيم حمادة (د): معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية، مرجع سابق،    صـ46.

17-  ابراهيم حمادة (د): طبيعة الدراما، مرجع سابق، صـ 22:21.

18- ابراهيم حمادة (د): معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية ،مرجع سابق،   صـ 99 .

19-  المرجع السابق، صـ101 .

20- المرجع السابق، صـ102:101 .
 
21- عادل النادى:مرجع سابق،صـ24 .

22- روجرم .بسفيلد الابن: فن الكاتب المسرحي للمسرح والاذاعة والتليفزيون والسينما، ت: دريني خشبة، القاهرة ، مكتبة نهضة مصر،بدون تاريخ، صـ 230.

23- عادل النادي: مرجع سابق ، صـ 30 .

24- عبد العزيز حموده(د): البناء الدرامى، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1998, صـ102 .

25-  نبيل راغب(د):  فن العرض المسرحى، مرجع سابق،صـ68:65.بتصرف.


لمزيد من الاطلاع في الموضوع السابق :

1- جلال الشرقاوي(د) : الأسس في فن التمثيل والإخراج، القاهرة،الهيئة المصرية العامة للكتاب،2002 .
 
2- ابراهيم حمادة(د) : معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية ، القاهرة، دار المعارف ، 1985 .
 
3- رضا غالب(د) : المثلث البنائي لفن التمثيل ،القاهرة، 2001 .
 
4- عادل النادي : مدخل إلي فن كتابة الدراما ، القاهرة،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1993 .
 
5- نبيل راغب(د) : موسوعة الإبداع الأدبي ، الشركة المصرية العالمية للنشر لونجمان، 1996 .
 
6- أرسطو: فن الشعر، ت: ابراهيم حمادة، القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية،1983 .
 
7- ابراهيم حمادة (د): طبيعة الدراما ، سلسلة كتابك رقم 26، القاهرة،  دار المعارف ، 1978 .
 
8-  روجرم .بسفيلد الابن : فن الكاتب المسرحي للمسرح والإذاعة والتليفزيون والسينما، ت: دريني خشبة ،القاهرة، مكتبة نهضة مصر، بدون تاريخ.

0 التعليقات:

إرسال تعليق